في يوم من الأيام عاش رجل شاب يدعى هيوي ، كان وسيما للغاية ، كان معروفا بين الرجال وتعرفه النساء أيضا . هيوي كان رجلا يبرع في كل شيء لكنه غير محضوظ فيما يخص الأمور المالية . لم يترك له والده شيئا غير سيف الفارس وتاريخ حرب شبه الجزيرة في خمس عشرة مجلدا ، ولم يجلب له هذا أي مال . لم يكن لديه وظيفة ودخله الوحيد هو مئتي درهم سنويا تدفعه لهم عمته كإعانة . حاول فعل كل شيء ممكن ؛ قضى أكثر من ستة أشهر في البورصة ولكنه لم ينجح ، على كل ماذا ستفعل فراشة في حرب مثل حرب البورصة ، ثم غير نشاطه ليصبح تاجر شاي لكن سرعان ما سئم من أنواع الشاي التي كانت يتداولها ، ثم غير نشاطه إلى خبز الحلويات لكنها تصبح حلوة جدا أو قاسية أو نيئة ، والأن لم يصبح سوى مثقف وسيم بشخصية جدابة مليئة بالوقار والبلاغة لكن بلا مهنة . وفوق كل ذلك كان هيوي مغرما بفتاة تدعى لورا ؛ قد إستولت على قلبه تماما . كانت إبنة ضابط متقاعد . وعندما إلتقيا قال لها :
لا أعرف ماذا أفعل يا عزيزتي ، حاولت أن أفعل كل ما يمكنني لإيجاد مهنة لكن ما يمكنني فعله هو التحدث .
فقالت له : لا تقلق هكذا يا عزيزي ، عليك التحلي بالقوة حتى تجد ما تبرع فيه ، لا تستسلم .
فقال لها : أجل أنت إمرأة مذهلة ، أنت دائما ما تشجعنني .
أحب الإثنان بعضهما بشدة وكان تنائيا لطيفا ، ولكنهما لا يملكان حتى عملة واحدة . ذهب هيوي لمقابلة والد لورا ليتحدث إليه عن الزواج من إبنته ، كان السيد ميرتن معجبا بهيوي ويريد رؤيته ينجح في حياته وفي كل مرة يفتح هيوي موضوع الزواج كان والدها يقول ( عزيزي هيوي عد إلي عندما تحد لنفسك مهنة لتضمن لنفسك حياة كريمة . كان هيوي دائما ما يلتزم الصمت كلما قال السيد ميرتن هذا ، بينما تسانده لورا دائما . وفي يوم بينما كان هيوي داهبا لمنطقة قرب منزله ، توقف أمام متجر صديقه آلان . آلان كان رساما محترفا للغاية ، لم يكن منمقا في ملابسه كالجميع ولم يكن يهتم برأي الآخرين لكن بالنسبة للرسم فهو فنان مع فرشة في يده .
فقال له هيوي : مرحبا يا صديقي .
فقال له آلان : صديقي سعيد جدا برؤيتك .
فقال هيوي : هذه اللوحة تبدو في منتهى الروعة .
فقال آلان شكرا ، أضع بعض اللمسات عليها .
كان يرسم لوحة فنية كبيرة لشحاد ، وكان الشحاد يقف على منصة مرتفعة في زاوية المرسم مع تعابير الحزن على وجهه وبأحدى يديه يتكئ على عصا صلبة وباليد الأخرى يحمل
قبعة من أجل المال .
فقال هيوي : ياله من جه مميز .
فأجابه صديقه : وجه مميز !! بل أكثر من هذا ، لن تقابل شحاذا مثله أبدا .
فقال هيوي : هذا محزن ، لكن بالنسبة لك فوجهه يعد ثروة كبيرة .
فقال آلان : طبعا أنا أرسم تعابير الحزن على وجهه .
فقال هيوي : كم يجني الشحاد من عمله هذا .
فقال آلان : عملة في الساعة .
فقال آلان : وكم تجني أنت من لوحة كهذه .
فأجابه : لهذه أحصل على ألفين .
وبعد لحضات قليلة ، تحذث آلان مع صانع الإطار .
فقال له الآن : لا تغاذر يا هيوي ، سأعود على الفور .
إنتهز العجوز فرصة غياب آلان عن المرسم وجلس على كرسي خشبي خلفه . كان يبدو بائسا وحزينا مع وجهه المجعد وملابسه الرثة . فشعر هيوي بالشفقة عليه وبحث في جيبه عن أي مال ولم يجد إلا عملة واحدة . فقال في نفسه ( العجوز الفقير يحتاجها أكثر مني وأنا سأعاني لمدة أسبوع )
إتجه هيوي إليه وقام بوضع العملة في يده ، ونظر الشخاذ إليه وٱبتسم .
قال له : شكرا لك يا سيدي شكرا .
عاد آلان بإبتسامة على وجهه وقرر هيوي الرحيل، وذهب ليقابل لورا . تلك الليلة ذهب هيوي إلى مقهى حيث رأى آلان يجلس هناك .
فقال له هيوي : هل أنهيت اللوحة ؟
فأجابه : إنتهت تماما يا صديقي ، أووه وبالمناسبة لقد وضعت نفسك في موضع لأسئلة .
هيوي : حقا ، كيف هذا ؟
آلان : العجوز الذي كنت أرسمه ، إهتم بك كثيرا عند رحيلك ، طرح الكثير من الأسئلة وٱضطررت للإجابة عنها ؛ من تكون ؟ وأين تعيش ؟ وما هو طموحك ؟ وما مصدر ذخلك ؟
هيوي : أووه الآن ربما أجده ينتظرني أمام منزلي لكن أنت تمزح صحيح ، أتمنى لو كان لدي شيء لمساعدة هذا المسكين ، ربما لدي ملابس يمكنه إرتداؤها بدلا من ملابسه ، لا يجب أن يعيش أحد هكذا .
آلان: ملابسه هذه أدعوها فنا ، على كل أخبرني كيف حال لورا ، العجوز كان مهتما بأمرها.
هيوي : ماذا ؟ أنت لا تقصد أنك تحدثت معه عنها ، صحيح ؟
آلان : أووه بالطبع فعلت ، إنه يعرف كل شيئ عن لورا ووالدها وموقفه منك .
هيوي : آلان ، أخبرت هذا الشحاد معلومات شخصية عني ، كيف هذا ؟
آلان : يا صديقي ، من تدعوه بالشحاد هو أحد أثرياء أوروبا ، يمكنه شراء المدينة بأكملها ، ولن يقلق بشأن المال .
هيوي : ماذا تقصد ؟
آلان : العجوز الذي قابلته اليوم هو البارون هوسبورغ . صديق مقرب لي ، يشتري كل لوحاتي ويدفع جيدا مقابل رسمه كشحاذ وعلي القول إنه يبدو رائعا في ملابسه الرثة .
هيوي : البارون هوسبورغ ، أووه لا، أعطيته عملة فضية .
آلان : أعطيته عملة فضية ! هههههه صديقي لن ترى تلك العملة الفضية مجددا ، عمله هو جمع أمال الآخرين .
هيوي : كان يجب عليك إخباري يا آلان ما كنت سأفعل ما فعلته .
آلان : لم يكن يخطر لي أبدا أنك سوف تهدر مالك بهذه الطريقة المتهورة ولا أعرف إذا كان البارون يود أن يكشف هويته لك هذه المرة .
(كان هيوي يشعر بالخجل مما حذث)
هيوي : أتمنى أن تخبر البارون بخالص إعتذاري له .
آلان : أووه بل على العكس تماما ، كان سعيدا جدا عندما غادرت وتساءلت لماذا يهتم بك كثيرا والآن عرفت ، هو سوف يسثتمر عملتك في عمل جيد .
هيوي : أنا حظي سيء، سأعود الآن إلى المنزل وأنام ويجب ألا تخبر أحدا بهذا ، سيكون محرجا للغاية .
آلان : غير صحيح بل إنه يعكس مدى طبيعتك الخيرة وقلبك الطيب ، تناول الشاي وأجلس معي ، فلتخبرني المزيد عن لورا .
ولكن كان هيوي غير سعيد بموقفه وغاذر للمنزل ، وفي الصباح التالي بينما يفتح هيوي الباب لإحضار الجريدة وجد رجلا منظم الملابس يقف أمام بيته .
فقال الرجل : هل لي بالشرف للتحدث مع السيد هيوي .
هيوي : آااه هذا أنا .
الرجل : جئت على طلب البارون هوسبورغ ، إنه ....
هيوي : آوووه كم أتمنى أن تخبر البارون بخالص إعتذاري له .
الرجل : كلفني البارون بٱعطائك هذا الخطاب .
هيوي : شكرا لك .
أخذ هيوي الخطاب ودخل الى المنزل وقد كتب على الظرف : هذية زفاف لهيوي من شحاذ عجوز .
وفي الذاخل كان الخطاب عرض عمل لهيوي وكتب فيه ( عزيزي هيوي ، صديقي آلان حدثثني كثيرا عنك وأخبرني بالكثير عن شخصيتك النقية والخيرة وفي موقف كهذا إعطاء آخر أموالك لشحاذ لأنه يحتاج هو تصرف رجل نبيل وبالنسبة لموقفك مع لورا أود أن أرد الجميل بك بعرض عمل ، عمل سيستمتع به كل شخصية خيرة مثلك ، أتمنى لك حسن الحظ مع فائق إحترامي البارون هوسبورغ )
كان هيوي مندهشا ، كان سعيدا للغاية وبدأ يقفز فرحا وهكذا تزوج بلورا وكان أبوها فخورا بعمل هيوي وبالطبع قام بدعوة آلان للحفل وألقى البارون كلمته مما جعل الحاضرين يضحكون والزوجان تغمرهما السعادة وفي النهاية طيبة القلب والكرم لن تضيع هباء .
النهاية
يمكنكم قراءة قصة الفتى إليدور والملك من خلال الضغط على الرابط:
https://www.9issass.xyz/2020/07/blog-post_15.html
يمكنكم قراءة قصة الفتى إليدور والملك من خلال الضغط على الرابط:
https://www.9issass.xyz/2020/07/blog-post_15.html